بكل شفافية...
من المؤمل أن يُصدر مجلس المبادرة (EITI Board) قراره برفع التعليق المؤقت عن العراق في منتصف تشرين الأول بناءً على توصية أصدرتها لجنة التحقق (Validation Committee) في 25 أيلول الماضي. جاءت تلك الخطوة التي طال انتظارها بعد جهود مضنية بذلها مجلس الأمناء بدعم مشكور ومتواصل من جانب أصحاب المصلحة المتعددين خارج المجلس. ونخص بالذكر أولئك الذين آثروا الاعتبارات الوطنية وسمعة العراق على أية اعتبارات أخرى. فسعوا مشكورين إلى مواجهة التحديات واختلاف الرأي بالتحاور البنَّاء المتواصل مع المجلس بعيداً عن أية ممارسة قد تأتي بعواقب وخيمة في هذا الظرف الحساس فتُعرقل مسيرة المبادرة بأكملها.
وبهذه الخطوة، يعود العراق إلى موقع الصدارة بين أعضاء المبادرة باعتباره الدولة الأكبر في مبالغ الإيرادات المفصح عنها. حيث بلغ إجمالي الإيرادات التي أفصحنا عنها في التقارير التسعة منذ عام 2009 لغاية 2017 بحدود 579 مليار دولاراً، أي ما يعادل 23% من مجموع المبالغ التي أفصحت عنها بقية الدول مجتمعة والذي تجاوز 2,5 ترليون دولار. وعلى الرغم من أن التقييم الذي حصل عليه العراق (تقدم ملموس Meaningful Progress) هو نفس التقييم الذي حصلت عليه 70% من الدول التي خضعت لإجراءات التحقق، إلا أن الفريق التخصصيي الذي شكله مجلس الأمناء يرى إن حجم الإنجازات التي تحققت مقارنة بحجم الإيرادات وأهمية الموقع في الصناعة النفطية وتنفيذ أغلب الإجراءات التصحيحية (راجع تعليقات المجلس على ملاحظات لجنة التحقق الثاني)، كل ذلك يستدعي منح العراق التقييم الأعلى وهو (تقدم مرضي Satisfactory Progress) أسوة بالدول السبعة المتميزة التي مُنحت هذا التقييم والتي منها ألمانيا والنرويج.
الآن، وفي معرض التهيؤ لمرحلة ما بعد التعليق، يستعد المجلس لانطلاقة جديدة في رحاب معايير 2019 بخطوات غير مسبوقة، منها تنفيذ مشروع الإفصاح المباشر (Systematic Disclosure) بالتعاون مع سكرتارية EITI والبنك الدولي والإتحاد الأوروبي. ومنها أيضاً التعاقد لإصدار تقريري 2018 و2019 بشروط مرجعية أوسع تتناسب والأوليات الجديدة التي تتبناها الصناعة الاستخراجية في الشفافية والحكم الرشيد والتنمية المستدامة. ومنها كذلك مباشرة المجلس في تنفيذ خطة العمل الطموحة للفترة من أيار 2019 لغاية كانون الأول 2020. وقد عالج المجلس في اجتماعه الأخير كافة التحديات والمصاعب التي واجهت الخطة ابتداء بالملاحظات التي رفعها ناشطو المجتمع المدني بخصوص الكلف التخمينية للأنشطة، مروراً بالعجز المحتمل في موازنتها بسبب إلغاء منحة البنك الدولي المخصصة لدول المبادرة، وانتهاءً برغبة ممثلي المجتمع المدني في المجلس بتنفيذ الورشات المخصصة للمجتمع المدني الأوسع. وتوصل المجلس إلى اتفاق بالإجماع على عدد من الخطوات الجوهرية التي ضُمنت في محضر اجتماع رقم 67.
أما على مستوى أصحاب المصلحة المتعددين خارج المجلس وهم المعنيون الأساسيون بعمل المبادرة أو المستفيدون من نتائج عملها وكما صنفهم المتطلب 1-4 فيما يخص فصائل المجتمع المدني الأوسع بكافة تصنيفاته من منظمات مستقلة واتحادات مهنية وإعلاميين وغيرهم كخبراء النفط والغاز والمعادن غير المرتبطين بالجهات الحكومية، كل هؤلاء وغيرهم من المهتمين بشؤون المبادرة – سواء المنظّمون حالياً بتشكيلات قائمة أو الذين يرغبون بتأسيس تشكيلات جديدة – مطالبون الآن بالتحرك لاستحداث شبكة مدنية واسعة ممتدة على المستوى الوطني في عموم المحافظات – بما في ذلك محافظات الإقليم – لغرض متابعة أداء الجهات الحكومية والشركات الاستخراجية من خلال مخرجات المبادرة ومدى تطبيق معاييرها في العراق، والمساعدة في استحداث مؤشرات وطنية (Impact Indicators) لقياس أثر تطبيقها بما بتناسب والأولويات الوطنية ونصوص المتطلب رقم 7.
ومن جانبها، تتعهد المبادرة بتقديم كل الدعم والتسهيلات اللازمة لهذه الشبكة والسعي لدى الجهات الحكومية لغرض توفير كافة الضمانات التي يكفلها الدستور والقانون وما نص عليه المتطلب 1-3 من معايير 2019.
علاء محيي الدين